يتابع مركز جنيف للديموقراطية وحقوق الانسان بقلق عميق حملات الكراهية والعنصرية و الإيقافات التعسفية الممنهجة ضد المهاجرين بتونس، في خرق صارخ لحقوقهم وللاتفاقيات المتعلقة بقوانين الهجرة واللجوء طبق اتفاقية جنيف والاتفاقية الافريقية لحقو ق الانسان والشعوب الملزمة لدولة تونس.
ومثل خطاب الرئيس التونسي قيس سعيد يوم الثلاثاء 21 فبراير 2023 خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي تعبيرا لهاته الحملة العنصرية الخطيرة، حيث طالب بضرورة وضع حد سريع لتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء, واصفا الظاهرة بأنها مؤامرة “لتغيير التركيبة الديموغرافية” في البلاد. وأضاف أن “الهدف غير المعلن للموجات المتلاحقة من الهجرة غير الشرعية هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط لا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية”، وأن تدفق “جحافل المهاجرين غير النظاميين” يؤدّي إلى “عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة فضلا عن أنه مجرم قانونا”. كما أشار الرئيس التونسي إلى “مخطط إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس، داعيا إلى “العمل على كل الأصعدة الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والتطبيق الصارم للقانون المتعلق بوضعية الأجانب في تونس ولاجتياز الحدود خلسة”.
ويتناقض هذا الخطاب مع تصريح الرئيس سعيد نفسه في القمة الأفريقية الاوروبية في بروكسيل يوم 17 فيفري 2022، حين قال أن “افريقيا لجميع الأفارقة“.
ويشرع مثل هذا الخطاب للكراهية على أعلى مستوى حيث امتلأت مراكز الإيقاف في تونس بالأفارقة، بمن فيهم من النساء والأطفال والمرضى، ,بالإضافة إلى إصدار بطاقات إيداع على أسس اللون والهوية دون احترام للإجراءات، وفق منظمات المجتمع المدني التي أمضت على بيان في الغرض.
ويتم الإبلاغ يوميا عن انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان في تونس، من إعادة قسرية فورية على الحدود تحت تهديد السلاح ومصادرة الهواتف والافتقار إلى المساعدة الطبية وسوء المعاملة والعنف فضلا عن الايقافات وفق نفس المصدر.
وقد حولت الاتفاقات الثنائية بين تونس وإيطاليا وتونس وفرنسا من الأراضي التونسية خطا أولا لتصدير الحدود الأوروبية حيث تحولت تونس إلى مراقب لطرق الهجرية حتى من خارج المياه الإقليمية التونسية ونقلهم إلى تونس برضاها وبمرافقة أعوانها لصالح الدول الأوروبية، وذلك بمقابل زهيد وعلى حساب معاناة المهاجرين الأفارقة والتونسيين على السواء،والذين غالبا ما يجمعهم قدر الهجرة او الموت في القوارب وطرق العبور الصحراوية الخطيرة.
ولا يسع المركز سوى ضم صوته بكل قوة ووضوح للمجتمع المدني التونسي للمطالبة بالإيقاف الفوري للحملات الأمنية المستهدفة للمهاجرين وإطلاق سراح جميع الموقوفين خارج إطار القانون, ويشدد على حق الجميع في طلب اللجوء وفق اتفاقية جنيف التي لا تفرق بين من يملك أو لا يملك وثيقة سفر أو اذن بالإقامة، مادامت حياته وسلامته وحريته في خطر.
كما يندد المركز بانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء ويحذر من التداعيات الخطيرة للغاية لخطاب الكراهية والتمييز والعنصري الذي من شأنه أن يعصف بالسلم الأهلي وقيم التضامن الافريقي.
كما يعبر المركز عن بالغ قلقه من تداعيات حملات الطرد التعسفي التي تستهدف المهاجرين من جنوب الصحراء, حيث يقع تعريض حياتهم وسلامتهم أصلا للخطر.
وإنه لمن المهم التذكير أن المواطنين التونسيين أنفسهم يعيشون بأوروبا نفس ظروف الأفارقة بتونس، وإنه لمن السخرية أن تتم المطالبة بحقوق التونسيين ببلاد المهجر, في حين تمارس السلطة الاجحاف الشديد والعنصرية ضد الافارقة في تونس, والحال أن الأسباب والحقوق واحدة لا تتجزأ.